.jpg)
النص الابداعى قد لايتوقف عند حدود مفاهيميه ثابته او اطر يمكن أن تؤطر الخطاب الابداعى من خلال اشكاليات الالتفاف حول الاشكال لاالمضامين ومن هنا كان لابد من التوقف ولو لبرهة عند لحظة التشابك هذه لمعرفة هل حققت هذه المقولة ارضا صلبة من الممكن التوقف عندها على اعتبار ان الفنون الادبية فى لآونة الأخيرة فتحت الباب على مصراعيه لأنواع من التراسل بين الاجناس الادبيه
ويبدو لى ان الاقتران الكلى لهذه المقولة جاء متطابقا مع الشعر كأكثر الاجناس التى استفادت من هذه المقولة والي الان وفى كل لحظة لانتوقف عن التقاط انفاسنا لنقراء نص شعرى يعتمد فى خصوصياته اعتمادا كليا على مقولة اقتراب الاجناس الادبية......
وبين ايدينا اليوم نصوص للقاص المعروف (( الصديق بودوارة)) والذى خالف عادته وامتطى صهوة المغامرة فى نصه
(( البحث عن السيدة ج)) الصادر عن منشورات مجلة المؤتمر عام 2005 ويقع الكتاب فى 120 صفحة من القطع
المتوسط يحفل ب179 مقطعا
ورغم إن الصديق يصر على هذه التجربة ليست تجربه شعرية الا ان النص قد حقق تقارب مابين الصياغة السردية للنص الشعري الحديث ومفهوم الحداثة الشعرية
إننا نتوقف أمام مايمكن على ان نسميه (( إبيجراما )) (( epigram))**وهو فن فى ابسط تفاسيره انه نص قصير مركز العبارة يستعير من القصة القصيره الومضة الخاطفة وذلك بالاعتماد غالبا على
(( المفارقة )) واختيار اللفظ الدال والعبارة الدقيقة..** والمعادلة الصعبة التى ارادها الصنثرى ينتهىى الاستفادة من امكانياته كقاص فى صياغة نص نثرى ينتهى بأينه
وتقوم الابيجراما عند الصديق بود واره على عناصرها الاساسيه وهى
1/ القص والسرد القصصي
وهنا استفاد الصديق بودوارة من إمكانياته كقاص في خلق تنويعات حكائية وطدت المضمون العام لنصوصه وكذلك خلقت نوع من التراكمات التي عول عليها الكاتب في خلق الإسقاطات المتوالية والتي صنع من خلالها نصه وسمة السرد القصصي تعج بها اغلب نصوصه في هذا الكتاب ابتداء من المقطع الأول وانتهاء بأخر مقطع معتمدا على التكثيف والتراكمات التراثية التي لاحصر لها في نصوصه
2 المماثلة والمشابهة والامتزاج من جانب ومن خلالها يعيد تناغم العلاقة بينه وبن سيدته ج التى يبحث عنها
اسمعي ..
أنا لك...
مثلما الأهرام لملوك الفراعنة
وأنا لك مثلما النيل ملك لمصر
وأنا لك
مثلما الفقر لبنغلاديش
والغرائب للهند
والقهر لمن يحتلون أرضه
والذل لمن يتنهكون عرضه
يقابلها فى الجانب الآخر علاقات تضادية تصنع نوع من المفارقة من جانب يقابله فى الجانب الآخر التناقض والتضاد لخلق حالة عالية السمو من التكثيف الذي جاء لخدمة المتن العام لنصوصه
ومنك يبداء السكون..
وبيدك تغتالين سكينتى..
أجمعك من ألف مكان ومكان..
وتتناثرين من يدي كغبار لامكان له...
3/صوت الحكمة التى يعتمدها فى نصوصه كعلامات تتوزع من خلال تنويعات تخلق نوع من المعنى الضمني المبطن في نصوصه
لا تفرط في الثقة..
كي لا يتكسر يقينك
ولا تفرط في الحب....
كي لا ينكسر قلبك...
ولاتفرط في الحلم
حتى لا تموت
4/ التهكمية والسخرية وهو أسلوب يتقنه الصديق بود واره في اغلب نصوصه الابداعيه
تسألين متى ؟
حدث الأمر منذ أزمان سحيقة...
لم أكن قد خلقت بعد....
كانت الدنيا مشغولة بديناصور بائس يحلم
بتقاسم وجبة من العشب مع أول أرنب برى يصادفه..
كانت بابل تحلم بحديقتها ...
وكانت مصر ترسم الأهرام خيالاً
على صفحة النيل الخالد...
لم يكن معاوية بن أبى سفيان قد استباح لحم دولة الإسلام
بأنيابه الإمبراطورية القاطعة...
ولم بكن الحسين قد رأى الغدر فى كربلاء بعد.
لم أكن قد عرفت الأحلام ومراودتها ..
ولم أكن قد رأيت حلما واحداً....
لكنى رأيتك فيما يرى النائم .*1
او فى نصه :-
سقطت بغداد ؟
حسنا حبيبتي
..ليس الأمر بهذا السؤ
وبعض الصور التى لم تهشم
وبضع أكاذب لوزارة الإعلام
لم تُكذًب بعد.
5/ التكثيف والإيجاز...وهى سمة نراها تتخلل المقاطع بشكل مدهش ورغم صغرها المتناهي إلا إنها تقودنا إلى ترابط مع بقية النص الذي يشكل اللحمة الاساسيه
ابتعد عنك دهرا
وأتمناك طيلة الوقت!!!
او
سأسكت الان فصدري ممتلىء
ولساني ميت
وصمتي طويل
6/التوظيف الرمزي للرحلة البحث وإثرائها بمضامين ابتداءت منذ زمن ما قبل التاريخ وانتهاء بعصرنا الحاضر
ان الرموز التى وضعها الصديق تدعو للحظات من المقابلات مابين الحالة المرتهنة بما يكتب وماهو كائن بالفعل
وعلى مر الزمن من انكسارات وخيبات وهو من هنا يضع هذه العلاقة بينه وبين سيدته الموهومة كعلاقة مملؤة بالانكسارات وخيبات الأمل
بالاضافه إلى أن التداعيات الرمزية خلقت نوع من التراكمات التي يحفل بها واقعنا المعاش...
وأصادفهم..
كان موسى بن نصير يتسول في شوارع أجداده
بعد أن أنجز فتح الأندلس..
وكان محمد بن القاسم
يتعفن في سجنه بعد أن فتح السند
بينما كان المهلهل يذوب في درعه الحديدي
بانتظار جرعة ماء....
كلهم كانو يموتون على مهل...
....
أو
أنا العربي..
ضاعت منى الصحراء يوم ولدت
والحرية عندما اغتصبها الطغاة
وبغداد عندما حشيت بالأنفاق وبطنت بالأكاذيب
والبصرة عندما رسبت في امتحان النحو
وكربلاء عندما غدرت بالحسين
ومضيق جبل طارق عندما مات طارق
والقاهرة عندما انهارت الاهرامات
وقرطا جنة عندما باعت هانيبال..
إن النص الذي بين أيدينا اعتبره مترابطا سواء في المتن أو الهوامش اللاحقة فهو يقود إلى اينه في كل حالاته سواء حالات البحث الدائب عن السيدة الموهومة والمتصفة ب((ج)) أو العلاقات الترابطية في الاستدعاءات التاريخية التي عكست مسيرة الإنسانية برمتها بداية من عصور ما قبل التاريخ والى يومنا هذا
والنص كلام
يبداء ب (( أنت المتن والدنيا هامش كبير))
مرورا بأفعال الإخبار والحكايات التي لا تنضب وفى جعبة الصديق الكثير من التنويعات فيها ليأخذ ك الخيط الخفي إلى نهاية الكلام كما السكوت بعد كل هذا الكلام
ليختم نصوصه في رحل البحث عن السيدة ج بهذا المقطع
سأسكت الآن فصدري ممتلىء
ولساني ميت
وصمتي طويل
وبعد....
سنعتبر هذا الكتاب إضافة رائعة تضاف إلى رصيد الصديق بدوارة الذي يصر على إدهاشنا إبان كل إبداع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق