الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

فطام الهوية









مربوحه
عساك تكون متريح ومستناس
وعل الله ماتخبل غزلك وعل الله تكون موش حايس
مربوحه يسلم عليك العقل وسلملنا على فضل
زعمه بعد ماغبتو مراكبنا تلاقى في بحور الشعر شي رايس



مربوحه**





عملية التطور هى فى الواقع عملية مستمره تنحدر تكويناتها عبر التحدر السلالى والانتقال من جيل الى آخر فالتطور قانون من قوانين الطبيعه المتشكله فى الكون وبالتالى فإن ماينطبق على كافة اوجه هذا التطور ينطبق ايضا على الثقافه كمنجز يبحث عن الارتقاء والتطور فى مسارات الحياه عبر البعد الزمانى المتعاقب لأن الثقافه فى الحقيقة ماهى الا إنعكاس لهذا التطور .
والسؤال المطروح هنا فى إطار المحاوره والتواصل مع معطيات الحداثة لايختص بقوانين التطور أو ابعاده وإنما بخت صفى المنتج ومدى تفاعله الحى مع هذه القوانين .وعبر دائرة المنشورات الجديدة سواء منشورات مجلة المؤتمر او منشورات مجلس تنمية الابداع الثقافى او منشورات امانة الثقافه طالعنا بيان غير معلن صراحة يتحدث عن (( قصيدة المحكى )) أو (( قصائد باللهجة المحكية)) يتحدث هذا البيان الغير معلن من خلال هذه القصائدة عن الارتباط غير المرئى بالخروج عن نسق الشعر والشعرية ويعلن قصيدة مغايرة او بالمعنى الاصح نص مغاير يقطع اوصاله او علائقه التى تربطه بالمنجز الشعرى الذى حققته قصائد واشعار واغنيات عبر تاريخ الشعر فى ليبيا .وهذا حق مشروع اقصد هنا حق الخروج عن النسق لكنه يحدث وفق ذائقة التطور التى يندرج تحتها مبداء السببيه ويقع ايضا تحت مسمى التواصل او شرطية التواصل لكى تتحقق المعادلة التى لابد من وجودها مهما كان نوع هذا النص حداثى /مابعد الحداثى /ماضوى هذه المعادلى التى تفترض وجود الطرف الاهم فيها الا وهو المتلقى
يقول الصيد عبدالسلام الرقيعى فى مقدمة ديوان "خريف الريح " للشاعر/ سالم العالم
(( حين تكون القصيدة مشروعا لمشروع أكبروحين تتحرر هذه القصيدة من مقدماتها وتنأى عن الاجوبه والصيغ الجاهزة وتتحول الى سؤال لاينتهى وقوس لايقفل...حين تكون القصيدة تأسيس لتأسيس وبداية لبداية وريادة لأستكشاف ..حينئذا فقط يمكننا الحديث وباطمئنان عن قصيدة المستقبل أو قصيدة الحداثه وبصرف النظر عن عاميتها او فصاحتها فالمشهد الشعرى يستوعب هذا وذاك مادام الهدف واضحا والرغبات مخلصه مادام التجريد والتحديث والاندفاع الى الامام بكل قوة وجسارةهو شعار الادباء والمثقفين فى كل مرحلة ))
ولعمرى إن بيان كهذا البيان جدير بلفت الانتباه ولوى الاعناق قسرا نحوه فحالة البحث عن أشكال متطوره دائما هى الشغل الشاغل للانسان منذ بدء الخليقه ..
وحال التمعن فى لما أوردته سابقا على لسان الصيد الرقيعى سنكتشف لأول وهلة
أن هذا البيان يحمل فى طياته حداثية قحة فهو يعلن عن ميلاد قصيدة حداثيةهامة جديدة ستشغل حيزا مهما فى الثقافه عامية كانت او فصحى بل ويصل الامر الى ربط هذه القصيدة بشروط التعايش لدى قصيدة النثر (( تحرر القصيدة-نأيها عن الصيغ الجاهزة_ تحولها الى سؤال دائم _ريادة الاستكشاف؟_ كونها أى القصيدة قوس لايقفل))
وهذه الجزئيات خيارات اتخذتها قصيدة النثر وفق مشروعية وجدودها من خلال بيانتها التى تطالعنا بين الفينة والاخرى ومن هنا فإن قصيدة الشعر المحكى اعلنت وبكل وضوح أنها كمنجز ثقافى ولد من رحم قصيدة النثر رغم انه ينتمى الى قصائد باللهجة المحلية العامية..
وهذا ايضا أمر لاغبار عليه على اعتبار ان مشروعية التحرر من ربقة الاشكال الجاهزة يطال المبدع ويكون حيزا لابأس به فى عقله حال استحالة توافقه مع الاشكال والانساق السائدة.




نعود الى بيان الصيد الرقيعى حيث يقول:ـ
(( أقول هذا الكلام وقصيدة المحكية أو قصيدة العامية تخطو خطوتها الاولى بثبات
وثقه وتكسب فى كل خطوة المزيد من الاهتمام والتقدير والمزيد من العشاق
والمعجبين على اختلاف مشاربهم ومستوياتهم لاهم لها ولا شاغل الا أثراء المشهد الشعرى الليبى وتعميق مجراه دون أدعاء أو تطاول فالقصيدة المحكية هى انتصار لقصيدة الحداثه اجمالا وهى الوجه الاخر لها مهما تنوعت اطيافها وتباينت الوانها بل هى رافد من روافدها ولايمكن بحال من الاحوال تصورها منافسا أو خصما مزاحما لأننا بكل بساطة شديدة نعتبر قصيدة الحداثه بكل تجلياتها هى الرحم الشرعى الذى ينتسب اليه شعراء المحكية ))
نتوقف قليلا ونحن نلتقط انفاسنا ونتمعن فى كلمات البيان بأفواه فاغره نحاول ايجاد مبررات لهذا البيان القنبله ...
أن خروج القصيدة فى اطرها المتعددة منذ ابوتمام الى يومنا هذا كانت له مبرارته
وارتكازته حتى وان غالى المغالون وتطاحن الفر قاء لكن كل تلك الخروجات والخروقات لها مبراراتها التاريخية جعلت من هذا الخروج أمرا يكاد يكون بديهيا
لكننى هنا أتسأل ... ماالذى حصل من لشعراءالعامية حتى يفكرو بهذا الخروج ..؟
بل ماهى مرجعيتهم التى استندو عليها اقصد هنا المرجعية التاريخية بل وماهى مبرراتهم لهذا الخروج المعلن صراحه وهنا وعبر ثلاثة اصدارات سنحاول تمحيص هذا النتاج للوصول الى الغاية التى اعلنها الصيد الرقيعى وهى غاية يشكر عليها الا وهى اثراء المشهد الشعرى الليبى وتعميق مجراه..وهذه الاصدارات هى :
1/نثار الليل _شعر باللهجة المحكية _منشورات مجلس تنمية الابداع عام 2004
2/فطام العراجين _ قصائد محكية _ منشورات المؤتمر عام 2005
3/خريف الريح شعر باللهجة المحكية _منشورات مجلس تنمية الابداع عام2006




على اعتبار
ان هذه الدواوين تمثل قى مجملها خلاصة القول وهى مقدمة لتأسيس هذا المنجز الجديد الوليد..إننا بصددالتعامل مع نتاجات أدبيه لهولاء الشعراء وصولا الى غاية قصيدة المحكى او قصيدة اللهجة المحكية ونوع المقاربه التى ربطتها بفلك قصيدة النثر ذلك لأن هذا الخروج ترك لنا العديد من علامات الاستفهام حول مبراراته فهذا النوع من الخروج كان بمثابة الاعلان عن خروج عن الانساق المطروحة لقائد الشعر الغنائى والشعر الشعبى الذان يحتفيان بالصورة والحكاية والذان قدما من خلالهما كيانات رائعة لهذه الصور مازالت عالقة بأذهاننا الى يومنا هذا
فمالذى حدث بالضبط..؟ وأين كان التحديث...؟
إن كلمة محكى لاتعبر بالضرورة عن هذا الخروج ففى قصائدنا الشعبية وكذلك فى الشعر الغنائى يحتفل بالحكاية كأبرز علامات القصدية من وراء كتابة القصيدة أو ذيوع صيتها وانتقالها الى دائرة الجماعه ككيان معرفى يتم تبادله بالمشافهة او الكتابه وهذا فى رأيى نوع من الامتزاج المدهش الذى خلق كيانات لقصائد لازلنا نترنم بها ونحفظها عن ظهر القلب ...اذا فالقضية ليست محكى أو حكاية فالشعر بصفة عامة جعل للحكاية براح شامل واسع حتى ان بعض القصائد قد تصل الى أن تكون هى الحكاية بذاتها ..وإذا كانت كلمة المحكى تعبير عن كونها تتداول كحكاية شفاهية فهذه ايضا انتقلت الينا من خلال رواة السير ولم يكن هناك خرق بل على العكس فكثير من مشافهة السير انتقلت الينا بأشعار مغناه .أما عن الشعر الغنائى كجنس اخر من أجناس الشعرفحدث ولا حرج فالحكايات التى يحفل بها الشعر الغنائى صراحة لازلات حكى عن محكاة الشاهى للراحل فضل المبروك والكثير من الحكايا القابعة وراء روائع الراحل سليمان الترهونى اذا فلفضة المحكى او قصائد المحكى هنا لم تعبر عن اسلوب حداثى بقدر ماأخبرتنا عن ميراث ماضوى فنحن شعب نؤمن بالحكايا المشافهه فى سياق خصوصيتنا فما بالك بالشعر .ننطلق الى نقطة اخرى الا وهى الاوزان والقوافى
اذا ما ألقينا نظرة واسعه على مجمل القصائد للشاعر محمد على الدنقلى فى ديوانه (( نثار الليل)) سنكتشف أنه وبمجرد الخوض فى المقدمة التى كتبها الشاعر الاستاذ / مفتاح العمارى والتى لم يتطرق فيها الى خروج عن نسق الشعر او حداثه لكنه اى العمارى اتكىء على (( الاشراقات الغنائية )) ((فنون السردالحكائى فى الاغنية )) تكريس الحكاية فى خدمة النص الغنائى ))او
(( الفيض الشعري))
هذا على اعتبار ان القصائد التى جمعها الدنقلى وقدمها العمارى لاتخلو من كونها قصائد فى الشعر الغنائى هذا الكلام ايضا ينطبق على قصائد العالم فى ديوانه خريف الريح وأن كانت هذا القصائد سواء للدنقلى او للعالم لاتخلو من خروقات فى القافية وكأن تطويعها للغنائية جاء قسرا لكننى لست بصدد محاكمتها فى كونها قصائد ركيكة أو رائعه فهذا الامر متروكة للذائقة التى تتباين من شخص لأخر او من متلقى لأخر ..فيما يتعلق بنصوص فطام العراجين فربما هى الوحيدة التى لاتنتمى الى جنس الشعر على الاطلاق وحتى اقترانها بقصائد النثر من خلال بيان صاحبها الذى حدد معالم قصيدة المحكى استطيع ان اقول بثقة انها لاتنتمى الى النثر بأى شكل من الاشكال ..اذا فالمسأله ليست على علاقة بالتنظير والكلام حولها لكن لنتمعن فربما سنتكىء على معالم اخرى غير التى تفحصناها سابقا..لأول وهله سيكتشف المطلع على هذه الدواوين أن هناك قاسم مشترك يجمعها الا وهو ألانتقائية فى وضع عناوين لهذه الاصدارات
الصيد الرقيعى....فطام العراجين
سالم العالم ......خريف الريح
محمد الدنقلى....نثار الليل..
هذه العنوانين المركبة والتى قد توحى فىمعناها التأويلى بأبعاد غير واضحة وضبابيه فمتى تفطم العراجين ومتى هو أوان خريف الريح ..ناهيك عن نثار الليل والذى تحول الى مسحة إن هذه العناوين الانتقائيه تعيد للاذهان الترنيمة الابدية لشعراء النثر حول جدوى اللغة والدعوى الى تهشيمها لخلق صورا مغايره يبدو أن مجرد استحضارها يخلق البلبله المطلوبه كى يتم التوافق المزعوم بين المتلقى والنص . فهم يعتبرو أن التداعيات التى قدمتها اللغة لاتخدم النص الحداثى هذا على صعيد اللغة لكن... مالفعل الشنيع الذى جنته لهجتنا العامية حتى يتم عليها مثل هذا التجنى والتحامل ولماذا هذه الاطر الجديدةوالكنايات المركبة والتى لاتوحى بشىء وماذا يعنى خلق صورا مهشمة .أن الاتفاق الضمنى على أن خلق الصور الفنية فى الشعر يتمثل أولا وأخيرا فى فعل التخيل الذى ينطلق منه المبدع أو الفنان بعد انفعاله ليصنع صوره الكثيره المنثاله فى شكل فنى ..ومن الصعب بمكان خلو الشعر من عناصر الخيال والا لغدا كلاما مبتذلا لاقيمة له إذا فالشاعر مطالب بالجنوح للخيال أبان تسجيل انفعالاته وشحنها بالتخيل لكنه يضل متسما بميسم مشترك مع المتلقى الا وهو الانتقائية لللغة حيث أنه يضع اللغة كوسيط للتفاهم بينه وبين المتلقى والا لكان الكلام عبثا لاطائل من وراءه فالمفردة التى ترسم المعنى لابد لها أن تكون حاضرو وبقوة فى خيال المتلقى الذى يملك هو الاخر مخزونا معرفيا وإتكاء ثقافى لابد له من الظهور ابان تناوله لنص أبداعى
يقول ((شلوفسكى)) "إن الشاعر لايخلق الصور والخيالات وأنما يجدها أمامه فيلتقطها من اللغة العادية.."
أن مثل هذا الانحرافات الخطيرة فى اللغة وبالذات فى العلاقات بين المشبه والمشبه به والتى من شأنها الا تصنع أى نوع من الصور أو حتى تداعياتها لايمكنها أن تصنع أى علاقة بينهم وبين المتلقى الذى من المفترض أن تكون هذه الاصدارات قد كتبت من اجله ..واذا فالسؤال الملح ماهو أثر تهشيم الصورة فى المتلقى الذى راهنو عليه إن القارىء يقع فى حيسرة ابان تناوله لهذه الطلاسم التى وردت عند الصيد الرقيعى (( جمرة على غصن الاسف_كم ليل مطفى والقمر فى خاتمك اصبع قديم _لانجم فى المنديل لاغيم عالسفح اشتعل _ تناثر على موج الخريف رصيف كل حرف وجملهـ والصبح شباك الوريد
_ مركب على نهر الوشم ))
هذه العلاقات الغير مألوفه فى اللغه حتى وإن كانت تهدف الى تصوير إحساس خاص تتطلب كما قلت قدرا من المشاركه لكى تتضح وظيفة الصوره فى نقل هواجس الشاعر فإذا كانت الصورة الفنية التى خلقها الشاعر مهشمه وغير فاعله
من كافة النواحى الجماليه أو اللغويه ستدخل هذه الصوره بالقصيدة فى مسارب مدورة وملتويه مما سيدف المتلقى الى اللهاث مرتين مرة لمعرفة المعنى العام واخرى لفهم تداعيات صور مثقله وغير مفهومة بالمره .
وهكذا يصبح فعل خلخلة اللغة ليس بيانا شعريا او حداثيا او مابعد حداثى وإنما بهذه الطريقه يصبح عقيدة غريبه قائمة بذاتها تمارس ممارسة مجانية ومطلوب أن نصفق لها ..
ومن سخرية القدر أن هذه الممارسة المجانية تذكرنا بما كان فى مقهى فولتير الذى أطلق عليه الدادائيون الاوائل ممارسة لعبة المصادفات لتأليف نص شعرى.
رغم أن القول هنا يختلف فالبون كبير بين الاتجاهات الغربيه والمصطلحات مثل ((عتمة اللغه)) لدى شيلغل أو ((جمهرة الاستعارات )) لدى نيتشه
أو ((العمل المفتوح)) لدى إيكو او(( بلاغة البلبله )) عند ديريدا وبين مايحدث من دمار آنى مفتعل للهجتنا العامية ...
إن كل المصطلحات الغربية التى ذكرت ذات سياق تاريخى فى الحضاره الغربيه ولها مايبررها لأن هذا السياق لديه تراكمات ثقافية واجتماعيه وضحت الحدود بين الانظمة الفلسفيه وكافة التجارب والاطر الفنية التى تقف وراءها

كلمة أخيرة..لقد فات على شعرائنا الخارجون أن الحداثة تدعو الى احترام الاخر أى المتلقى وهذا الاحترام أعتقد أنه سيضعنا فى بداية السطر من جديد
نحن نزعم أننا حداثيون نوجه خطابنا للاخر وفاتنا أن التحديث يأتى من الداخل وليس من الخارج





سعد الحمرى


** ألقصيدة مربوحه للشاعر سالم العالم ديوان خريف الريح منشورات مجلس تنمية الإبداع الثقافي 2006

ليست هناك تعليقات: