الجمعة، 18 سبتمبر 2009

اغتيال مسرح





اغتيال مسرح

موت القيم في مهرجان خيبات
الأمل والنوايا الحسنة


سعد الحمرى





أخيرا أسدل الستار عن الدورة الحادية عشر لمهرجان المسرح الوطني على خشبة المسرح الوطني درنة وسط حضور مكثف من الفنانين العرب الليبيين وكذلك بحضور لفيف من فنانين عرب من تونس والمغرب ومصر وسوريا والأردن .
وحقيقة الأمر أن المهرجان جاء مرتبكا وخجولا على كافة الأصعدة جاء عبر لجنة عليا مرتبكة جدا ولجنة إعلامية باهته ولجنة ثقافية هزيلة جدا . وتنظيم بائس إلى درجة تدعو للرثاء
فهل هذا ما كنا ننتظره من مهرجان يمثل وزارة الثقافة المؤسسة الرسمية راعية الثقافة في الجماهيرية وهل هذا هو الطريق الأمثل للرقى بالحركة المسرحية في بلادنا وحسب النقاط التي سأذكرها لاحقا والتي شكلت نقاط ضعف رئيسية
مهدت الطريق لدفن الراحل المغفور له (( المسرح في ليبيا)) وكانت كل نقطة هي مسمار تم دقه في نعش هذا الراحل الذي عاش بائسا ومات مهانا على أيدي أناس لا علاقة لهم البتة بالرقى بالحركة المسرحية وليس هذا همهم
وهذه لنقاط المسامير هي :-
1/ جاءت ميزانية المهرجان هزيلة جدا بمقارنة ما تم صرفه في مهرجانات سابقة (( بلغت ميزانية الدورة
الحادية عشر فقط ستمائة وخمسون ألف دينار بينما كانت الميزانية المقترحة للدورة السابقة المقامة بمدينة بنغازي مليون ومائتا ألف دينار أي بنسبة الضعف))
2/ كان من المفترض (( حسب تعبير لجنة المشاهدة لاختيار العروض المشاركة ))أن العدد الذي تم اختياره هو فقط سبع فرق مسرحية لا غير لكن النوايا الحسنة ساهمت وعلى حد تعبيرهم فقد قيل أن السيد وزير الثقافة تدخل شخصيا في الموضوع والذي طبق حرفيا المثل الشعبي القائل (( كيف أتطيب النية. البيت ياسع مية )) أدى إلى رفع سقف الفرق المشاركة إلى 18 فرقة مسرحية وهذا الفارق سبب إرباكا في نواحي تنظيمية كثيرة للمهرجان
3/ كانت المقولة السائدة في أوساط المهرجان وعلى لسان اللجنة العليا أن المهرجان جاء في ظروف سيئة
وكان لابد من إقامته رغم كل الظروف.. ولست أدرى سبب هذا التأكيد فخارطة هذا المهرجان وتاريخيته
لا تنستد إلا على عشر دورات ومابين الدورة الأولى المقامة عام 1971 اى منذ ما يقارب 37 عاما كان من المفترض إذا كان الإصرار على إقامة المهرجان في موعده أن تكون رزنامة هذا المهرجان حافلة
بعدد سبعة وثلاثون دورة بدل الدورة الحادية عشر. . ولكن المتعمق في تاريخ هذا المهرجان سيكتشف
أنه مابين الدورة الأولى والثانية زهاء 3 سنوات وانه مابين الدورة الثانية والثالثة زهاء 8سنوات عجاف وانه بين الدورة الثالثة والدورة الرابعة زهاء 7 سنوات وهلم جرا ....

وهنا لابد لنا أن نوجه السؤال إلى السيد وزير الثقافة عن سر هذا الإصرار والإلحاح في إقامة هذا المهرجان وفى مدينة تبعد عن العاصمة ما يقارب عن 1200 ك.م ...أليس هذا المهرجان هو الصبغة الرسمية للدولة ..؟ وبالتالي الم يكن من المفروض أن يقام في العاصمة.. فأنا شخصيا لأاعتقد أن السبب هو تنويع الإقامة في أكثر من مدينة
فهناك مهرجان التصق بهذه المدينة وتأسس من خلال فنانيها ألا وهو المهرجان التجريبي وكان الأحرى اعتماد دورة للمسرح التجريبي إما المهرجان الوطني فمكانه طرابلس يا سيدي الوزير ولا مكان له غير طرابلس.

ثالثة الاثافى ولحظة الانهيار الحقيقية لهذا المهرجان كان عبرا لندوات الخجولة التي أشرفت عليها اللجنة الثقافية الهزيلة جدا والتي بدت وكأن موضوع المهرجان لا يعنيها البتة بل ربما أضاف رصيد لرئيستها بعد رصيدها في الكتاب المشبوه المصادر عن غناوة العلم التي لا تمت لها بصلة والتي قالت بأنه جمعتها وأعرف أنا من أين جمعتها...(( وهذا ليس موضوعنا )) المهم أ،ه لم يتم استثمار حقيقي لكل ما هو ثقافي في هذا المهرجان اللهم إلا إذا كانت تضع ندوات العروض ضمن منا شطها..؟؟؟؟

والكارثة الحقيقية والتي قصمت ظهورنا هو إطلاق رصاصة الرحمة على مرأى من الليبيين جميعا فقد كانت هذه اللحظة منقولة بشكل مباشر على الفضائية الليبية حيث شاهد جميع الليبيين تلك الرصاصة وهى تودي بحياة المغفور له والى الأبد الراحل (( المسرح الليبي)) فكيف جاء ذلك وعلى اى اعتبار جاء مشهد القتل عنيفا هكذا.
وقبل الخوض في تفاصيل مشهد الاغتيال لابد أن نراجع القيم المهدورة التي ارتأت اللجنة العليا تثبيتها في كتيب المهرجان وفى صفحته الأولى على شكل أهداف سامية للمهرجان والتي سأذكر أهمها فى عجالة

1 تشجيع الإعمال المسرحية المتميزة وإبراز المواهب الشابة وتحفيزها على المزيد من العطاء والتألق
2 الحرص على خلق مناخ للقاء وحوار جاد وعميق والبحث من أجل إثراء العمل المسرحي
3 المساهمة في تأسيس مسرح ينبذ قيم الابتذال والقبح
4 تعميق البحث والرصد للتجربة المسرحية الليبية لخلق تراكم يثبت التقاليد المسرحية ويخلق ذاكرة
مسرح واعية .

لاشك أبدا أن من وضع هذه النقاط كأهداف للمهرجان لم يكن يعي ما يقول لأن ما حدث كان عكس كل النقاط المذكورة ضمن أهداف المهرجان لقد كان المهرجان بشكل عام فضيحة تم تقديمها بشكل فج ومتعمد لقتل كل ما من شأنه الارتقاء بالمسرح ..
لقد جاءت النتائج للأسف الشديد كارثة حقيقية لا يحمل وزرها إلا لجنة التحكيم التي حكمت فظلمت وقتلت .
كان كل شيء واضح للمتفرج وللناقد وللمشارك ..كانت الأعمال المميزة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة لكن لجنة التحكيم من خلال نتائجها كانت قد أعلنت عن حالة عمى ألوان إصابتها وحالة خلل مزمن في الذاكرة من خلال ما تم إعلانه من نتائج ..
وأنا هنا لست بصدد الحديث عنهم جميعا لكنني اعني شخصا بعينه كان يمثل أحد أهم الانقياء في هذا الزمن
وكان بالنسبة لي شخصيا يمثل احد أهم المنظرين للمسرح الليبي إبان البحث عن هويته وكان هاجسه الدائم إحياء المسرح الليبي وإخراجه من غيبوبته .. هذا الشخص هو الكاتب والناقد / منصور بوشناف
وإنا هنا بصدد التسأول سأقول له لماذا حرم عبدا لسيد آدم من جائزة أفضل مخرج ولماذا حرم الصديق بودوارة من جائز التأليف ولماذا حرمت سعاد خليل من جائزة أفضل ممثلة ولماذا حرم خالد نجم من جائزة العمل المتكامل وما هي حيثيات أبعاد ( على القديرى / وإبراهيم إدريس ) من جائزة أفضل ممثل..
لقد كانت إحكامكم صعبة ياسيدى الفاضل فهل وقعت تحت طائلة إكراه على هذه الأحكام أم أنك سقطت كغيرك في دوامة الإفلاس الفكري ولم يعد لديك ما تقدمه لنا ..
هل هناك وجهة نظر مقارنة مابين ما تم منحه من جوائز للأسماء التي ذكرتموها في قرار تحكيمكم وإعلان نتائجكم وبين ما ذكرته من أسماء ..لقد كان قراركم ياسيدى هو الكارثة الحقيقية في هذا المهرجان الذي يحمل الكثير من المساوئ والمثالب ..لقد كانت لحظة خروج لنتائج هي لحظة القتل العمد للمسرح الذي كنتم تحترمونه..فأين ذهب احترامكم للقيم يا منصور...؟ وأين هي أفكارك الرائعة القديمة التي كنت تتبناها بصدق وتدافع عنها بحرارة..؟
وأعود لأسألك ما الذي أعده احمد إبراهيم في رواية الكوني ((نزيف الحجر))...؟ وما هو مستوى المقارنة بين ما قدمته جميلة المبروك وما قدمته سعاد خليل ؟ وما هو الفارق بين أداء على القديرى والممثل الذي حاز على جائزة أفضل ممثل ولا تقل لي أنه تشجيع الوجوه الشابة لأنني لا اصدق ذلك.

ياسادة

ونحن ننعى السيد المسرح بعد قتله عمدا وللأسف على خشبة تفتح لأول مرة والتي بدل أن نقدم عليها قيمة جديدة للمسرح قتلنا المسرح فوقها ..
وفى جعبتي الكثير حول موضوع هذا المهرجان ولكن ليس هذا أوان الكلام فللحديث بقية ..لكنني ومن خلال مقالتي هذه أدعو إلى مقاطعة كافة منا شط أمانة الثقافة ومقاطعة مثل هذه المهرجانات المهزلة بل ولا أبالغ إذا قلت لكم أننا الآن افترض أن نعود لمهرجانات الهواة والتي ندعمها بطريقتنا أليس هذا أجدى بدل أن يقتلوا في دواخلنا كل القيم الرائعة التي نحملها...
وعبر هذه الصفحة أعود إلى منصور بوشناف وأتوسل إليه ليقول لنا ما الذي حصل بالضبط في ليله اغتيال المهرجان

ولكم التحية











هناك تعليقان (2):

Unknown يقول...

العزيز / الحمري
أفكار جرئية فيما يخص المهرجان المسرحي ، كنت جرئياً إلى أبعد الحدود.
أغلب أفكار المقال كانت تدور في رؤوس الكثيرين دون أن تجد من يقولها
انت اختصرت الكثيرين في مقالك هذا

عبدالباسط أبوبكر محمد

صالح سعد يونس يقول...

لن تجد من يرد ولو ولو ولو بعد ألف عام لأن الخلل يا سيدى يكمن فى الأساس والأساس فى هذا المهرجان غير سوى ولن يكون كذلك مادمنا مصرين على تزييف الحقائق والمسميات , و ............. خليها على الله