السبت، 21 مارس 2015

مقدمة كتابى القادم (( آيام الجمر )) سيرة أيام الثورة والغضب

مقدمة الكاتب


     كلما اردت الكتابة عن هذه الاحداث ينتابنى نوع من القلق قل أن يعترينى ....
ذلك لأن هذه الكتابة تحتاج منى للتأمل... ولبرهة اعتقد اننى ملم بكل التفاصيل ....وفى لحظة واحدة تضيع كل التفاصيل .تختلط الحكايات بالرؤى بالأحلام ......لحظات هى مختلطة تزدان بوقائع عن الدموع .......
وعلى الرغم من كوني شاهد عيان على كل التفاصيل والأحداث.. إلا أنني اشك أحيانا في قدرتي على سرد هذه الوقائع بشكل تراتبى. لا أظلم فيه أحد ....
ولا أنسى أي تفاصيل حتى ولو كانت بسيطة ......فهذه الثورة التي عشتها بتأججها في البدايات وحتى النهايات .و هولاء الشخوص الذين يمرون كشريط سينمائي تفاصيله غائمة .....والدموع  التي تتأطر مابين دموع الفرح  ودموع حزينة يفترسها أنين صامت على من ذهبوا ولن يعودوا .....
تلك التفاصيل تجعلني أشبه بزجاجة حبر –يفتك  بها قلم رويدا رويدا ويمكن أن تنتهي في لحظة ما.
ولذلك قررت أن اكتب التفاصيل كما حدثت .....والحكايات التي دارت أمام عيني.... قررت كتابتها. لكوني أولا على حافة إعدام صامت من مجهول قد يغتالني في أي لحظة .....ولست بالخائف هنا. و لكنني احمل في جعبتي الكثير من الحكايات التي قد تموت بموتى وتبقى في طي النسيان ...
واجزم ان كتابتها ستريحني كثيرا ....و ثانيا ذلك لأن التاريخ الآن يكتب بأيد غير نظيفة .  أيد تكتب التاريخ كما تريده أن يُكتب ...ايد كانت تلوك زمام الأمور وتلوك الحكايات الرتيبة لتجعل منها تاريخ يجب أن يٌقراء بل ويتعدى الامر اكثر من ذلك انها تريده ان يكون تاريخا حقيقيا لاجدال فيه ...أيد صنعت ابطال من ورق لهذا التاريخ وزيفت حقائق ولاكت مواضيع لايعرفها أحد ...انها تتحدث بلغة  شاهد العيان ..الذى رأى كل شىء وهذا لعمرى كارثة الكوارث  فهذه الايدى التي أصبحت بقدرة قادر صناع للوطن .وللثورةمعا ..رغم البون الشاسع مابين مايكتبه  هولاء وتاريخ حكايات الثورة .
وحقيقة الامر المرة أن الثورة الان يكتبها مجموعة من القوادون والسفلة –يصححون مسارها بحسب احتياجات الساسة وبحسب الوقائع التى يحاولون ايهام الناس بأنها قد حدثت فعلا
الثورة الان كما القطة التى تفترس صغارها دونما وجل –فهى تتنكر لمن حمل لوائها –وتبصق على معاطف الذين هبوا لنصرتها –والذين عبدو دربها بالاحلام  ....وضمخوها برائحة المسك ....وخضبوا ايديها بالدم ....
يالله.. ... كيف لهذا الزمن الجميل الذى عشت لحظاته ان يتزين بكل هذا التأصيل ..تأصيل المخنثين وأشباه الرجال وبقايا نساء محطمات ...ومقاولون بأسم الحرية ..وبدائع لحظات البكاء المزيفة والدموع ...الحياة الآن هي أشبه بشريط سينمائي يحوى تفاصيل عن ابطال... ورجال شامخون ..ونساء عاهرات وقوادون وسفلة ....هى اشبه بسوق شعبى يختلط فيه الحابل بالنابل ...بين ثغاء الشياه.. وباعة الخضار والخردوات والمساومات القذرة على كل انواع السلع.....سلع بشرية ..سلع للأكل ..سلع تؤكل... وسلع تفترس...هكذا هى ثورتنا ...كانت البدايات بأشخاص يعدون على الأصابع وفجاءة عم الضجيج الكون توارى الرواد الأوائل الذين زينوا  الدرب واختفت ملامح الطريق لنكتشف فى متأخرها ان الذين يزينون الصورة الان لم يصنعوا الحدث...
ولم يشاركوا حتى في إنتاجه ...بل ولم يكونوا حاضرين فى تفاصيله
لقد تبين لى الان ان الكارثة الاكبر ليست فى تقهقر هذه الصورة من الاذهان بل الاكثر مرارة ان من يصنع التاريخ لم يشارك فى الحدث البتة..
من هذا المنطلق  هاأنا الآن ألوك حكايتي في كوخي الصفيحى هذا .....اكتب الآن بملء الوجع الذي قد يصل إلى درجة الصراخ ......اكتب الآن والقلق الذي اخذ يتداخل فى نفسى.... ..بداء يختفى رويدا رويدا ......اكتب الان التفاصيل كما حدثت .....بأيامها وتفاصيلها ..ولياليها وأيامها ...ولن أتوقف عن الكتابة حتى أكون قد عرفت اننى ألقيت بهذا الحمل على كواهلكم النقية ...ربما أكون بذلك قد استرحت قليلا ..

سعد الحمرى

21/11/2011

ليست هناك تعليقات: